العظمة تحت الأسمال :)

الخميس، ٢٠ أغسطس ٢٠٠٩

.
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد الأمين ومن تبعه واقتفى هديه أجمعين،

أما بعد؛

فبعد غياب طويل عن المدونة يطيب لي أن أعيد البدء بقصة عن صحابي يعلمها بعضنا ويجهلها الكثير، لن أعلق عليها ولا بحرف، فقط اترك إيمان قلوبكم ليعلق! على هذا المشهد من دوح الزاهدين ...



هدف الكتابة : البكاء من خشية الله، وفي منتهى الجدية أطلب ممن يقرأ هذه الحروف أن يهيّء قلبه لشيء من خشوع وذل وأنين!

بسم الله

بداية تعريف بسيط لهذا الصحابي الجليل، ومن ثم القصة:

"أيّنا سمع هذا الاسم، وأيّنا سمع به من قبل..؟أغلب الظن أن أكثرنا، ان لم نكن جميعا، لم نسمع به قط.. وكأني بكم اذ تطالعونه الآن تتساءلون: ومن يكون عامر هذا..؟؟أجل سنعلم من هذا السعيد..!! انه واحد من كبار الصحابة رضي الله عنهم، وان لم يكن لاسمه ذلك الرنين المألوف لأسماء كبار الصحابة.انه واحد من كبار الأتقياء الأخفياء..!!ولعل من نافلة القول وتكراره، أن ننوه بملازمته رسول الله في جميع مشاهده وغزواته.. فذلك كان نهج المسلمين جميعا. وما كان لمؤمن أن يتخلف عن رسول الله في سلم أو جهاد.أسلم سعيد قبيل فتح خيبر، ومنذ عانق الاسلام وبايع الرسول، أعطاهما كل حياته، ووجوده ومصيره.فالطاعة، والزهد، والسمو.. والاخبات، والورع، والترفع.كل الفضائل العظيمة وجدت في هذا الانسان الطيب الطاهر أخا وصديقا كبيرا..وحين نسعى للقاء عظمته ورؤيتها، علينا أن نكون من الفطنة بحيث لا نخدع عن هذه العظمة وندعها تفلت منا وتتنكر..فحين تقع العين على سعيد في الزحام، لن ترى شيئا يدعوها للتلبث والتأمل..ستجد العين واحدا من أفراد الكتيبة الانمية.. أشعث أغبر. . ليس في ملبسه، ولا في شكله الاخرجي، ما يميزه عن فقراء المسلمين بشيء.!!فاذا جعلنا من ملبسه ومن شكله الخارجي دليلا على حقيقته، فلن نبصر شيئا، فان عظمة هذا الرجل أكثر أصالة من أن تتبدى في أيّ من مظاهر البذخ والزخرف.انها هناك كامنة مخبوءة وراء بساطته وأسماله.أتعرفون اللؤلؤ المخبوء في جوف الصدف..؟ انه شيء يشبه هذا : ).." 0


القصة التي اقتطفتها من دوحه:

"
...

كانت حمص أيامئذ، توصف بأنها الكوفة الثانية وسبب هذا الوصف، كثرة تمرّد أهلها واختلافهم على ولاتهم.ولما كانت الكوفة في العراق صاحبة السبق في هذا التمرد فقد أخذت حمص اسمها لما شابهتها...وعلى الرغم من ولع الحمصيين بالتمرّد كما ذكرنا، فقد هدى الله قلوبهم لعبده الصالح سعيد، فأحبوه وأطاعوه.ولقد سأله عمر يوما فقال: " ان أهل الشام يحبونك".؟فأجابه سعيد قائلا:" لأني أعاونهم وأواسيهم"..!

بيد أن مهما يكن أهل حمص حب لسعيد، فلا مفر من أن يكون هناك بعض التذمر والشكوى.. على الأقل لتثبت حمص أنها لا تزال المانفس القوي لكوفة العراق...وتقدم البعض يشكون منه، وكانت شكوى مباركة، فقد كشفت عن جانب من عظمة الرجل، عجيب عجيب جدا..طلب عمر من الزمرة الشاكية أن تعدد نقاط شكواها، واحدة واحدة..فنهض المتحدث بلسان هذه المجموعة وقال:

نشكو منه أربعا: " لا يخرج الينا حت يتعالى النهار0..ولا يجيب أحدا بليل0..وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما الينا ولا نراه0،وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا، وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين".. 0

وجلس الرجل:وأطرق عمر مليا، وابتهل الى الله همسا قال:" اللهم اني أعرفه من خير عبادك..اللهم لا تخيّب فيه فراستي"..ودعاه للدفاع عن نفسه، فقال سعيد:

أما قولهم اني لا أخرج اليهم حتى يتعالى النهار.." فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب.. انه ليس لأهلي خادم، فأنا أعجن عجيني، ثم أدعه يختمر، ثم اخبز خبزي، ثم أتوضأ للضحى، ثم أخرج اليهم"..وتهلل وجه عمر وقال: الحمد لله.. والثانية..؟!

وتابع سعيد حديثه:

وأما قولهم: لا أجيب أحدا بليل..فوالله، لقد كنت أكره ذكر السبب.. اني جعلت النهار لهم،والليل لربي"..
أما قولهم: ان لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما..." فليس لي خادم يغسل ثوبي، وليس بي ثياب أبدّلها، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين.. وفي آخر النهار أخرج اليهم ".

وأما قولهم: ان الغشية تأخذني بين الحين والحين.." فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة، وقد بضعت قريش لحمه، وحملوه على جذعه، وهم يقولون له: أحب أن محمدا مكانك، وأنت سليم معافى..؟ فيجيبهم قائلا: والله ما أحب أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة..فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيتهو أنا يومئذ من المشركين، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها، أرتجف خوفا من عذاب الله، ويغشاني الذي يغشاني"..

وانتهت كلمات سعيد التي كانت تغادر شفتيه مبللة بدموعه الورعة الطاهرة..ولم يمالك عمر نفسه ونشوه، فصاح من فرط حبوره." الحمد لله الذي لم يخيّب فراستي".!وعانق سعيدا، وقبّل جبهته المضيئة العالية..."

المصدر: كتاب رجال حول الرسول



 
دَوْحُ اليَبَاب - by Templates para novo blogger